lundi 14 février 2011

س حركة النهضة: ثورة تونس تبشر بكل خير الشيخ راشد الغنوشي لـ«المجتمع»: ندعو لنظام برلماني تتوزع فيه السلطات على المؤسسات


حاوره عبد الباقي خليفه
في ظروف استثنائية، كالتي تعيشها تونس منذ 17 ديسمبر الماضي وحتى الآن، رد رئيس حركة «النهضة»، الشيخ راشد الغنوشي، على أسئلة المرحلة الدقيقة والمعرج الكبير الذي تمر من خلاله تونس إلى المستقبل الواعد بإذن الله، وفي هذا الحوار الذي خص به الشيخ راشد «المجتمع» قبيل عودته إلى تونس يوم الأحد الماضي 26صفر 1432هـ الموافق 30 يناير 2011م، تحدث عن إيمانه العميق بنجاح الثورة، كما أعرب عن انحيازه لمطالب الشعب. وحذر من محاولات التلاعب بالمطالب الأساسية للثورة باعتماد «سياسة الاحتواء والتلاعب من أجل إفراغ الثورة من مضمونها ببعض التعهدات الشكلية التي لا ضمانة لتنفيذها من قبل وزراء جُربوا لأكثر من عقدين، ولا مصداقية لهم ولا ثقة فيهم»، وشدد على أنه لا مجال للإقصاء، على أن من أولويات الحركة حماية الثورة من اللصوص «الذين يستهدفونها ويحاولون إفراغها من مضمونها بإجراءات شكلية ووعود زائفة لا ضمانات لتحقيقها».. وإلى الحوار: حاوره: عبدالباقي خليفة < كيف تبدو لكم الأوضاع في تونس، وحسب ما تصلكم من معلومات؟ - التطورات تبشر بكل خير، فمادامت جماهير الشعب ترابط في الشارع وتصر على حماية الأحياء الشعبية والثورة من أن تجهض؛ فإنه لا خوف على مستقبل البلاد الذي يحدده هؤلاء، من خلال تحركاتهم الشعبية الرافضة لأي تلاعب بمطالبهم المشروعة في الحرية والديمقراطية، وتعيين حكومة إنقاذ وطني ممثلة لجميع التيارات السياسية في البلاد؛ حتى نقطع نهائياً مع عقلية الإقصاء التي رسخها حزب «الدستور» الذي غدا يتشكل من الانتهازيين، وتم داخله استبعاد الوجوه الوطنية النزيهة، وعلى يده تم قمع كل اتجاهات المعارضة ومؤسسات المجتمع المدني على امتداد نصف قرن؛ مما غدا عنوانه يذكر التونسيين بكل آلامهم، فلا يريدون بعد ثورتهم العارمة عليه أن يروا هذا العنوان أو رموزه في الواجهة، ويبقى لأعضائه النزهاء ضحايا القمع أن يتشكلوا تحت عناوين جديدة. منذ نصف قرن والحركة الطلابية التونسية الرائدة تهتف: يسقط حزب الدستور، ويسقط جلاد الشعب. وهو النداء الذي التقطته جماهير تونس على امتداد البلاد، ولا تزال الشوارع تهدر به وتجعل عنوان نصرها إبعاده ورموزه من الواجهة، وذلك دون انتقام ولا اجتثاث، إذ الجريمة فردية والعقاب عليها سبيله الوحيد القضاء العادل. < يبدو أن التجمع لم يسقط بتعبير أحمد نجيب الشابي، ومع ذلك لاحظنا حماساً لوقوف التغيير عند الحد الذي وصل إليه حتى 18 يناير 2011م. - ما ذكره الأستاذ نجيب الشابي بشأن التجمع الدستوري صحيح، ولا أعتقد أن هناك من يرغب في وقف التغيير عند الحد الذي وصل إليه في 18 يناير، ولكن هناك اجتهاداً نحسبه خاطئاً من بعض الأحزاب المعارضة، التي تعتقد القدرة على تحقيق مطالب الثورة، من خلال التفاعل مع الواقع المفروض اليوم، وهو يبدي تخوفه من حالة الفراغ التي قد تشهدها البلاد في حال الإعراض عن التفاعل مع ما يسمى بحكومة الوحدة الوطنية، فيما أعتقد أنه يجب القطع مع سياسة التخويف من الفراغ، ما دامت جماهير الثورة تملأ الشوارع تحمي أهدافها؛ ولأن هناك جيشاً وطنياً يقوم بدور محمود في حماية الشعب، كما أن الرئيس المؤقت بإمكانه إنقاذ البلاد بتكليف شخصية وطنية تحظى برضا جميع الأطراف بتشكيل حكومة إنقاذ وطني، تكون ممثلة لجميع الأطراف دون إقصاء. هذه الحكومة مرفوضة من قبل الشعب، وبالتالي نجتهد مع شعبنا في تحقيق مطالب الثورة، وإنجاز التغيير الحقيقي الذي يأذن لكل التيارات السياسية الموجودة في الواقع بالعمل القانوني، وبالتالي فليس هناك حرص على مكاسب حزبية جزئية، وإنما المطلب الرئيس للشعب بالتحرر، وترسيخ التعددية لكل التونسيين مهما اختلفت توجهاتهم على قاعدة «أن تونس لكل التونسيين». < الشعب يرفض بقاء الحزب الحاكم، هل أنتم مع تيار الشعب هذا؟ وما آفاق هذا الطلب؟ أم مع تقليص تغول الحزب ووضعه في حجمه الطبيعي بعد نزع سلطة الترغيب والترهيب منه وفصله عن الدولة؟ - عندما تقول: إن الشعب يرفض بقاء الحزب الحاكم، فلا قول لأي شخص أو حزب فوق قول الشعب. < هل هناك مجال لإقصاء حركة «النهضة»؟ وما تقييمكم للمشاورات التي تمت مع المهندس «حمادي الجبالي»؟ - ليس هناك مجال لإقصاء أي طرف، الثورة انطلقت من أجل الحرية للجميع، وخاصة حرية التنظم وتحديداً تنظم الأحزاب التي ناضلت في مواجهة الدكتاتورية على امتداد عقدين، وقدمت التضحيات الجسيمة سجناً واستشهاداً وتشريداً لمناضليها.. وبالتالي شعب فرض أمراً واقعاً يقضي بالقطع الكامل مع عقلية الإقصاء لأي طرف، فضلاً عن إقصاء التيار الأوسع انتشاراً، إنه لا ديمقراطية ولا استقرار في غياب التيار الرئيس، وأحسب أن الجميع قد استوعب درس التسعينيات عندما تم إقصاء الحركة الإسلامية وهيمنت الدكتاتورية. < ما أولويات الحركة في المرحلة الراهنة وعلى المستوى المتوسط والبعيد، لا سيما وأنكم أبديتم عزوفاً عن ممارسة حقكم كاملاً، وعدم ترشحكم للقيام بأي دور على مستوى السلطة؟ ما الوضع الذي يعد الشيخ نفسه إليه لا سيما وأن البلاد والحركة لا تزالان في حاجة إليه؟ - أولويتنا في هذه المرحلة هو العمل على إنجاح هذه الحركة الاحتجاجية، إلى أن تبلغ غايتها في إزاحة النظام الدكتاتوري بعد النجاح في إزاحة الدكتاتور، والإسهام مع القوى الديمقراطية في إقامة نظام ديمقراطي حقيقي، ثم الإسهام مع بقية القوى الديمقراطية في حماية الثورة ومكاسبها من اللصوص الذين يستهدفونها ويحاولون إفراغها من مضمونها بإجراءات شكلية ووعود زائفة لا ضمانات لتحقيقها، لقد استوعب شعبنا درس انقلاب 7 نوفمبر، عندما اطمأن لوعود «بن علي» حتى إذا استتب إليه الأمر نكث عهده، ورسخ أعتى نظام بوليسي قمعي في المنطقة. بالنسبة لدوري في المستقبل؛ أحسب أنه سيكون في مستوى المجتمع وليس الدولة، ولا يقتصر على المستوى الوطني بل يتعداه إلى المستوى الإسلامي والعالمي. < هل حددت الحركة قائمة حلفائها بعد التطورات الجديدة، وحجم مشاركتها مستقبلاً في الحياة السياسية ولا سيما الانتخابات القادمة؟ - نحن حلفاء لكل من يتمسك بمطالب الشعب، والكلمة اليوم هي للشعب، فعلى الجميع أن يصغي، أما عن حجم مشاركتنا في الانتخابات القادمة فهو سابق لأوانه ولكل حادث حديث. < كيف تنظرون لمستقبل ثورة تونس المباركة، في ظل إعلان بعضهم بأن التجمع لم يسقط «الشابي»، وحجم حضور التجمع في مفاصل الدولة حالياً؟ - التجمع سيسقط، وبسقوطه ستتحرر مفاصل الدولة منه، وتتسلمها وجوه جديدة تعبر عن مرحلة التغيير. < أيهما أفضل لتونس؛ نظام رئاسي، أم تشريعي لدرء خطر ظهور ديكتاتور جديد؟ - نظام برلماني تتوزع فيه السلطات على المؤسسات والجهات، أما النظام الرئاسي فقد جُرّب وعلى قول إخواننا في المشرق: «الذي يجرّب المجرّب عقله مخرّب»

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire